2024-08-01 12:58:01
التخطيط الزكوي والضريبي
التخطيط الزكوي والضريبي هو دراسة الآثار الزكوية والضريبية على معاملات ومركز المنشأة المالي لوضع خطط ونماذج عمل للمنشأة يتحقق معها تحقيق أهداف المنشأة الاستراتيجية والتنفيذية بشكل متوافق مع التشريعات الزكوية والضريبية، لكي لا تجد المنشأة نفسها وقد اصطدمت بهذه التشريعات مما قد يؤثر على استقرار مركزيها المالي والقانوني. إن تنوع وتعدد الأعمال في عصرنا اليوم جعل مهمة وضع التشريعات غاية في الصعوبة على الرغم من حرص هذه التشريعات على أن تكون عامة وتتخاطب مع منشآت الأعمال بلغة بيضاء لا تنحاز لقطاع دون قطاع، إلا أن التغير السريع في الأعمال ومنشآت الأعمال المعاصرة جعل هذه التشريعات في سباق دائم مع الزمن لمواكبة هذا التغير وهذا ما يفسر كثرة التغييرات على الأنظمة والتشريعات مقارنة مع أزمنة سابقة. هذا التحدي الذي يواجه التشريعات ليس مقتصراً على الزكاة والضريبة وإنما على أغلب إن لم يكن كل التشريعات التنظيمية، كما أن هذه التحديات ليست مقتصرة على المملكة العربية السعودية وحسب وإنما هي حالة عالمية عامة يكثر فيها الحديث عن الحاجة للتخطيط الضريبي للمنشآت. عليه يتوجب على متخذي القرارات في هذه المنشآت أن يحرصوا على أن تكون نماذج أعمالهم متوافقة مع التشريعات ذات العلاقة والتي من أهمها الزكوية والضريبية وذلك من خلال التخطيط الصحيح والواضح للآثار الزكوية والضريبية وهذا ما تدعو له هيئة الزكاة والضريبة والجمارك التي تسعى الى أن تحافظ على ديمومة ونشاط ونمو المكلفين لضمان جباية صحية ودائمة للزكاة والضرائب.
في رمضان عام ١٤٤٥هـ، أصدر مجلس إدارة الهيئة اللائحة التنفيذية لجباية الزكاة بعد خمس سنوات من صدور اللائحة السابقة لها بطريقة وأسلوب جديد يحاول أن يواكب متطلبات الفترة، فجاء في هذه اللائحة الجديدة بعض التعديلات على بعض الأحكام لتتواكب مع واقع اليوم، فكان من أمثلة التعديلات أنه يجب إضافة حساب الأرباح تحت التوزيع الى الوعاء الزكوي مهما كان تصنيف هذا الحساب في الدفاتر المحاسبية ومهما كان عرضه في القوائم المالية وذلك بشكل مخالف لما جاء في اللائحة السابقة التي كانت تقبل عدم إضافة هذا الحساب للوعاء الزكوي بشروط ميسرة. وفي حقيقة الأمر، إنني أرى أن هذا التعديل مبرر بدرجة عالية وذلك إذا اطلعنا على التطور التقني الحالي والربط البنكي والمصرفي العالي في وقتنا هذا، حيث إنه كان في السابق يقبل عدم إضافة هذا الحساب للوعاء الزكوي لأن الأرباح كانت توزع على المساهمين أو الشركاء في المنشآت بشكل نقدي أو بشيكات أو من خلال التقدم بطلب لصرف تلك الأرباح، وعليه فإن جزءً من هؤلاء المساهمين أو الشركاء لا يتقدمون بالوقت المحدد لاستلام مستحقاتهم بل يتأخرون عن ذلك مما يجعل المنشأة مجبرة على الاحتفاظ بهذه الأرباح في حساباتها وهي غير قادرة على الاستفادة منها فأصبحت هذه الأموال كالمال المغلول الذي لا تجب فيه الزكاة، إلا أنه في وقتنا الحالي تغيرت الأنظمة والخدمات وأصبح إيداع الأرباح يتم بشكل آلي تماماً فلا حاجة للمساهم أو الشريك بأن يتقدم لاستلام أرباحه بل توزع عليه من خلال إيداعها في محفظته أو حسابه البنكي مباشرة ودون تدخل منه، وعليه لم يعد لدى تلك المنشآت هذا النوع من الحسابات المغلولة يدها عنها وبناء عليه وجبت الزكاة على هذه الأموال لاستفادة المنشآت منها.
لقد جاءت اللائحة الجديدة بحدود دنيا وعليا للوعاء الزكوي فكانت وكأنها مؤشرات لقياس الحالات التي قد يكون فيها طريقة حساب الوعاء الزكوي قد شابها بعض التشوه نظراً لتنوع واختلاف نماذج أعمال المكلفين وهو أمر غاية في مراعاة المكلفين والسعي وراء تحقيق استقرار ونماء للزكاة والمكلفين على حد سواء. إن احتساب الوعاء الزكوي قائم على إضافات وحسميات للحسابات الظاهرة في القوائم المالية المبنية على معالجات محاسبية، فمتى ما صحت هذه المعالجات المحاسبية أو كانت قريبة من الصحة والواقعية أصبح الوعاء الزكوي والضريبي أقرب للصحة والعكس صحيح، حيث أن بعض المكلفين يبالغ على سبيل المثال في الإيرادات التي ينتج عنها بالتبعية مبالغة في الاحتساب الزكوي والضريبي مما قد ينتج عنه ما لا يحمد عقباه فليس الاحتساب الزكوي والضريبي هو السبب في هذا التشوه وإنما المبالغة في الإيرادات هي من كان السبب، وعليه فإنه حري بأن يتم عمل التخطيط الزكوي والضريبي جنباً بجنب مع التخطيط لممارسة الأعمال وذلك لتحقيق الاستقرار بالمراكز المالية والقانونية للمكلفين.